أنهى د/عمر أمرير المشرف على البرنامج الوثائقي التلفزي « حضارة المدن » في قناة تمازيغت ، عملية توضيب حلقات من السلسلة الجديدة التي سيبدأ بتها ليلة يوم الأربعاء 30 مارس2016 ، بحلقة عنوانها "تافراوت : ميلاد مدينة ".
تنطلق الحلقة الأولى من رصد مكونات التراث المحلي بشقيه المادي، والرمزي ، ثم تقوم بالبحث في ظاهر كل نوع منها عن مكامن الأسرار الحضارية الثاوية في باطنه .
من الفقرات الممتعة في بداية انطلاق الحلقة ، تلك التي سيتحدث فيها أشخاص لأول مرة أمام كاميرا القناة الأمازيغية ، فنسمع منهم فوائد غير مسبوقة عن الحضارة الأطلسية العريقة .
سننخرط جميعا في السفر الحضاري و الاستمتاع خلاله باكتشاف الأسرار الخفية لمكان المدينة منذ الزمن الغابر الذي كان فيه أرضا خلاء لا بناء فيه ولا سكان ، إلى أن اتفق ممثلو سكان القرى المجاورة على جعل ساحة تافراوت الخالية مكانا ملائما لإقامة سوق أسبوعي كل يوم أربعاء … هكذا حتى تصل بنا الفقرات إلى سنة 1934 التي بنى جنود الاحتلال العسكري الفرنسي مركزهم الإداري في السوق . بعد ذلك باثنين وعشرين سنة ستحدث أقوى اللحظات التي واكبت زمن مخاض ولادة مدينة « تافراوت » . الأولى في سنة استقلال1956م ، والثانية في سنة 1959 م ، التي زار فيها الملك محمد الخامس إلى تلك الجبال . بعد ذلك ستولد المدينة ، وسرعان ما أخذت تنمو ، وتتسع، حتى أصبحت اليوم مدينة نموذجية واعدة وجميلة في أعماق جبال الأطلس الصغير .
لعل قارئ هذه السطور عن حلقة « تافراوت : ميلاد مدينة » قد يخرج في البداية بانطباع أولى يفهم منه أنها حلقة تلفزية ستسافر بالمشاهدين عبر رحاب التاريخ الاجتماعي والثقافي . ولكن تركيبها الفني سيصحح ذلك الانطباع بالإشارة إلى أن ما سيتم اكتشافه من الجديد الممتع ، والمفيد حين يعتاد على الشعور بالجمال الباطني لفنيات الانتقال به من مستوى الجمال الظاهري لصور التاريخ وغيره من العلوم ، والفنون ، والآثار ، والعادات… إلى مستوى الجمال الباطني لما يختفي وراء تلك الصور ، وبين سطور مصادرها من « جزئيات الحضارة » المنسية ، أو المجهولة أصلا إلى درجة قد يفاجأ بعض التافراوتيين أنفسهم بأنهم يكتشفون في هذه الحلقة أشياء كانوا لا يعيرونها اهتماما ، هي في حقيقتها قمة فريدة في الحضارة الإنسانية ، الجديرة بكل عناية .
من بين أسمى الأهداف التي قد تحققها متابعة هذه الحلقة تحفيز ذاكرة عموم المشاهدين من مختلف المشارب والتخصصات المعرفية المغربية ، تحفيزا يفضي بذاكرتهم إلى تذكر نماذج من مدن جهاتهم تؤكد خصوصية حضارية مغربية تتجلى في تكامل « قيم حضارة القرى » ، و« مقومات حضارة المدن » ، وسيتذكرون من مدنهم ، ومن قراهم نماذج على هذا التكامل سواء من أعلام الفكر ، والفن ، والمقاومة ، والاقتصاد ، والسياسة ، وهلم جرا … وسيتذكرون في مختلف جهات المغرب ، مثل ما تذكرهم به حلقة « تافراوت : ميلاد مدينة » من أسماء العصاميين المحليين الذين انتقلوا إلى المدن البعيدة عن قراهم خلال القرون الأخيرة ، وصار لبعضهم إسهام في صنع أمجاد التاريخ الوطني . ومنهم من استطاع أن يبصم مجال نخصصه ، ليس على المستوى المحلي ، أو الوطني فقط ، بل على المستوى العالمي .
لتعميم الفائدة ، تم إرفاق الحلقة بالترجمة العربية لما هو منطوق بالإمازيغية ، والترجمة الأمازيغية لما هو منطوق بالعربية.